19 سبتمبر 2024 | 16 ربيع الأول 1446
A+ A- A
الاوقاف الكويت

د. عادل المطيرات: على المسلم أن يسأل أهل العلم قبل أن يقدم على أية عبادة يجهل أحكامها الشرعية

28 مايو 2018

لقد شرع الله تبارك وتعالى الصوم لغايات عظيمة؛ هي تحصيل تقوى الله، وتزكية النفوس، وكلما كان الصوم موافقاً للأحكام الشرعية والآداب المرعية، كلما كان أكثر ثمرة وأعظم أجراً، إلا أن بعض الصائمين قد يجهلون العديد من الأحكام الشرعية، فتصدر منهم الأخطاء والمخالفات التي ربما تؤثر على صومهم أو تنتقص من أجرهم.
 فضيلة الدكتور عادل المطيرات، أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة - جامعة الكويت، تحدث حول بعض المسائل الفقهية المتعلقة بصيام الشهر المبارك، والأخطاء الشائعة التي يتكرر السؤال عنها كل عام، مستهلا حديثه بأن المسلم ينبغي عليه  أن يسأل أهل الذكر والعلم قبل أن يقدم على أية عبادة أو طاعة، من أجل أن يتعلم أحكامها الشرعية ولا يقع في مخالفات قد تنقص الأجر.
بادئ  ذي بدء ينبغي أن ندرك أن الشرع قد حدد بدقة من هي الفئات المكلفة بأداء فريضة الصيام، وما عداهم لا يصح إجبارهم على الصوم، فبرغم أن صوم رمضان هو فريضة على المسلم البالغ المكلف، إلا أننا نجد بعض خدم المنازل غير المسلمين يصومون مع أهل البيت من الفجر إلى المغرب، وهذا أمر لا يصح ولا يجب، فإن أسلموا وجب عليهم وصح صومهم، نفس الأمر ينطبق على أصحاب الأمراض العقلية الذين يصومون مع ذويهم في البيت، هؤلاء لا يجب ولا يصح صومهم، لأن العقل مناط التكليف، والصوم عبادة تجب على الفرد العاقل المسؤول عن أفعاله.
الشرط الثالث للتكليف هو البلوغ، فلا يجب الصوم على الطفل الصغير غير البالغ، لكنه إن صام يصح صيامه إذا كان في سن التمييز؛ وهو سن السابعة في كثير من الآراء، وضابط التمييز عند أكثر العلماء هو أن يفهم الطفل الخطاب ويرد الجواب، فقد ورد عن الصحابة أنهم كانوا يصوِّمون صبيانهم تعويدا، ويلهونهم باللعب، فإن وجد الطفل مشقة أفطر، دون إجبار على إكمال الصيام.
على الجانب الآخر، من هم المعذورون بترك الصوم في رمضان؟
  يقول فضيلة الدكتور أن فئة المعذورين جاء تفيصلهم في الآية: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۚ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ۖ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ ۚ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} البقرة:184.
أولهم الشخص المريض، والمرض في الغالب له ثلاثة أحوال: مرض خفيف يسير، كألم الرأس أو ما شابه،  فهذا لا يباح له الفطر، ومرض متوسط يجد صاحبه مشقة في الصوم، هنا يُكره له الصوم والأفضل له الإفطار حتى لا يتعرض لمضاعفات، والثالث مرض شديد قد يتلف شيئا من أعضائه، هذا يحرم عليه الصوم، لأن ذلك يؤدي للإضرار به. 
والمسافر، يجوز له الإفطار باجماع العلماء، لكن العلماء اختلفوا ما هو الأفضل في السفر حين ينتفي عامل المشقة، كالسفر بالطائرة مثلا، بعضهم قال الأفضل أن يصوم، والبعض لم ير ذلك.
من المعذورين كذلك من لا يستطيعون الصوم من كبار السن، وأصحاب الأمراض المزمنة، والنساء ذوات الأحمال والمرضعات، وجميعهم ملزمون بأن يطعموا كل يوم مسكينا وجبة مشبعة عوضا عن اليوم الذي أفطروه، ما عدا الحامل والمرضع، يرى العلماء أن عليهما الإطعام ثم القضاء، قياسا على حكم المريض بمرض طارئ غير مزمن.
في كل عام تتكرر الأسئلة ذاتها حول ما يفطر الصائم وما لا حرج فيه، فكيف نعرف المفطرات؟
يقول الشيخ المطيرات: هناك قاعدتان في غاية الأهمية ينبغي أن نضعهما في الاعتبار؛ أولا أنه ليس هناك مفطر إلا بدليل، ثانيا أن كل ما كان موجودا على عهد النبي وسكت عنه ولم يحكم بأنه مفطر فهو كذلك في عصرنا، من هنا واستنادا على ذلك فإن:
(1) جميع الإبر العلاجية لا تفطر، سواء أكانت عن طريق الوريد أو العضل أو تحت الجلد، إلا الإبر المغذية - كالجلوكوز - فهي تفطر لأنها طعام أو يمكن الاستغناء بها عن الطعام.
(2) السواك لا يفطر، والنبي كان يستاك، وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة) [رواه مسلم]، ونفس الأمر ينطبق على معجون الأسنان، إلا أن بعض العلماء يرى أن فيه من الطعم ما يجعله مكروها أثناء الصيام.
(3) قطرة العين والأذن لا تفطر، حتى وإن أحس الصائم بطعمها في حلقه، لأنها ليست من الطعام والشراب، أما قطرة الأنف فينبغي الحذر منها، لأن مجرى الأنف متصل بمجرى الحلق مباشرة.
(4) الطيب والبخور لا يفطران، كان الطيب موجودا ومعتادا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يرى أنه من المفطرات، وكذلك البخور.
(5) مساحيق وأصباغ التزين والتجميل للمرأة لا تفطر، وقد كان ذلك موجودا في عهد النبي، كان بأشكال ومواد مختلفة عما نعرفه الآن، لكن تلك العادات كانت موجودة ومعروفة آنذاك، ولم يحكم النبي أنها من المفطرات. 
(6) تذوق الطعام عند إعداده لا يفطر، بشرط أن يكون بطرف اللسان دون البلع.
(7) الحجامة والتبرع بالدم ليست من المفطرات.
(8) التبرد بالماء والاستحمام جائز ولا يفطر.
(9) بخاخ الربو اختلف في حكمه العلماء المعاصرون، والأرجح أنه غير مفطر، فلا هو طعاما ولا شرابا، ورذاذه قليل لا يصل لمقدار رذاذ ماء المضمضة في الوضوء.
(10) أقراص الدواء التي تؤخذ تحت اللسان، مثل علاجات القلب وضغط الدم، عندما رجعنا للأطباء المتخصصين بينوا لنا أن هذه المستحضرات الطبية لها خواص علاجية تمتص من داخل الفم دون أن تصل إلى الحلق والجوف، وعليه فالأرجح أنها ليست من المفطرات.
هذه بعض المسائل حول شهر رمضان، فحري بالمسلم الذي يريد أن يعبد الله على بصيرة أن يسأل عما يجهله من أمر دينه، ويبحث عن طريق أهل الذكر والعلم، حتى لا يقع في مخالفات شرعية تنقص أجره وثوابه.

القائمة البريدية

انضم للقائمة البريدية للموقع ليصلك كل جديد

جميع الحقوق محفوظه لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية - دولة الكويت